
ليس لبنان مجرد مساحة صغيرة على خريطة الشرق، بل هو بلدٌ يجتمع فيه البحر والجبل على مسافة دقائق، تتقاطع فيه لغات وثقافات، ويعيش فيه شعبٌ يجمع بين الذكاء واللطف، بين الكرم رغم الفقر، والقدرة على النجاة رغم كل الزلازل السياسية والمالية التي مرّت عليه.
اللبناني، حيثما سافر، لا يذوب في المكان بل يصنع فيه أثراً جميلا: مطعماً، مصرفاً، شركة، صحافة، جامعة، أو مشروعاً يبدأ صغيراً وينمو حتى يتجاوز الحدود.
ورغم الانهيار المالي الذي أصاب البلاد منذ عام 2019، فإنّ اسم لبنان ما يزال يحضر بقوة على لوائح الأثرياء العالميين، ليس لأن الاقتصاد الداخلي قوي، بل لأنّ الثروات اللبنانية صُنعت في الداخل يوم كان البلد مركزاً مالياً عربياً، أو في الخارج حيث انتشر اللبنانيون في أفريقيا والخليج وأوروبا والأميركيتين.
أثرى رجال الأعمال اللبنانيين…
يظهر اللبنانيون بوضوح على لوائح فوربس، خاصة في قطاع الاتصالات والعقار والمصارف. ويتصدر القائمة عادة:
1) نجيب ميقاتي — مليارات من الاتصالات
بنَى ثروته من مجموعة “Investcom” التي بيعت لاحقاً لشركة MTN الجنوب أفريقية، ثم وسّع استثماراته في العقار والمال. وهو اليوم إضافة لكونه من أثرياء لبنان، أحد أبرز وجوه الحكم.
2) طه ميقاتي
شقيق نجيب، راكم ثروته عبر الاستثمارات نفسها تقريباً، مع شبكة عقارية وتجارية واسعة في الخليج وأوروبا.
3) بهاء و فهد الحريري
الجيل الثاني من عائلة الحريري، بعد تأسيس إمبراطورية “سعودي أوجيه” الراحلة. اليوم يتركز نشاطهما في العقارات الأوروبية، بعيداً عن الساحة السياسية.
4) عائلة صفرا
من المصارف في البرازيل إلى سويسرا، صنعت عائلة صفرا واحدة من أكبر الثروات المصرفية في العالم.
5) عائلة معوّض
انطلقت من الذهب والألماس، لتصبح علامة فاخرة عالمية، ومن ثم امتدت استثماراتها للعقار والمال.
مفارقة لبنانية: بلد منهار واقتصاده مليئ بالثروات
المفارقة التي يلاحظها المراقب أن لبنان الذي يضم أسماءً في نادي المليارديرات، هو نفسه بلد تعيش نسبة كبيرة من شعبه تحت خط الفقر.
الثروات اللبنانية لم تعد داخل لبنان، بل تحوّلت إلى استثمارات خارجية أو حسابات بعيدة عن النظام المصرفي المحلي بعد الانهيار.
وفي كل مرة السؤال نفسه يتكرر في الشارع اللبناني: هل كان بإمكان هذه الثروات أن تلعب دوراً إنقاذياً لتمنع الانهيار؟
إلى اليوم، يبدو الجواب سلبياً؛ الثروة اللبنانية الكبيرة في الغالب شخصية وعابرة للحدود، بينما المساهمة في انقاذ الدولة اقتصاديا، يتقدمها الفقراء لا الأغنياء.
لبنان بلدٌ صغير، جميل، وإنسانه اجتماعي مبدع ولطيف في تعاملاته، هذه الخلطة جعلت منه مصنعاً للثروات أينما حلّ. لكن الثروة بقيت مرتبطة بأفراد لا بالدولة، ما جعل البلد يعيش اليوم مفارقة القصور مقابل العوز، الذي يدفع قيادته السياسية لطلب الدعم لأجل إعادة الإعمار على سبيل المثال.
يبقى السؤال مفتوحاً: هل ستعود هذه الثروات يوماً لتشارك في إعادة بناء الوطن، أم ستظل “لبنانية بالاسم… عالمية بالمكان”؟
بقلم خزناجي نواري









يجب التعامل مع لبنان و ساستها بازدواجية معايير تعاملهم, فمثل تعاملهم كما رددت آنفا أستاذ كمثل السياسة الموريتانيين: يتبعون هوى أي كان أي اللي حضر يهني 🤔 و يقضيو شغلهم.