الحدث

ماكرون يواصل تفكيك مراكز القوى المعارضة للعهدة الثالثة

بعد ليلة سياسية عاصفة, يستيقظ الشارع الفرنسي على وقع أرقام نتائج التشريعيات التي منحت اليمين المتطرف تقدما بـ34,2% من المقاعد ساحقا بذلك معسكر الرئيس ماكرون الذي اكتفى فقط بـنسبة  21,5%.

الفائز الثاني في التشريعيات هو حزب متطرف آخر لكن من تيار اليسار بقيادة “ميلانشون” الذي احتل المرتبة الثانية بمجموع 29,1% من الأصوات المعبر عنها,  وبعد أن كان وراء حل البرلمان بقرار منفرد اجتمع حلفاءه على وصفه بالخاطئ, الرئيس الفرنسي سيجد نفسه مضطرا إلى التنازل عن رئاسة الحكومة لأجل تشكيل تحالف يقطع من خلاله الطريق على اليمين المتطرف.
بعيدا عن ما يمليه الإعلام الموجه الذي يتحدث عن انهيار معسكر الرئيس الفرنسي أمام التطرف لليمين بزعامة “بارديلا” و اليسار بقيادة “ميلونشون”, فإن ماكرون يكون قد أنجز أكثر الخطوات حرجا ربما منذ دخوله غمار السياسة وهذا في مهمة تمديد فترة حكمه التي تبدوا أكثر من مستحيلة.

قبل اليوم, كل التحليلات كانت تتحدث عن بداية نهاية فترة حكمه, كيف لا والرئيس الفرنسي الذي يقضي عهدته الثانية والأخيرة, لا يجيز له الدستور الفرنسي ثالثة لها.

الحقيقة وهي أن طموح ماكرون في تجديد فرصة بقاءه كرئيس بدأ يتجدد لكن مع شركاء من نوع خاص التحالف مع جزء منهم أصبح ضرورة تمليها نتائج التشريعيات لأجل تشكيل الحكومة, والخروج من حالة الإنسداد,  فسواءا كان التعايش مع اليمين أو اليسار أو العجز عن كلاهما, فإن فرنسا ستكون أمام حتمية واحدة وهي إعادة النظر في الجمهورية الخامسة التي وإن لم تخضع لإصلاحات عميقة وجذرية فإنها ستدفع الدولة ككل إلى الدخول في مرحلة هي الأقرب فيها إلى التفكك.

لقد تناول الإعلام الفرنسي فرضية العهدة الثالثة للرئيس ماكرون والتي لا يمكن تمريرها إلا من خلال تعديل الدستور, ولأن هذا الخطوة هي مرتبطة بسقوط الجمهورية الخامسة وإعلان ميلاد جمهورية جديدة, فإن نزيل قصر الإليزيه وصل, على ما يبدوا, إلى قناعة كبيرة وهي أنه لا يوجد ضمن معسكره من الحلفاء السياسيين من هم قادرين على مرافقته في تجسيد الفكرة , فكل أعمدة حكمه وعلى رأسهم الوزير الأول أو حتى وزيره للداخلية لا يمكنهم المضي في مخطط كهذا لأنه وببساطة شديدة, وصولهم لعرش الحكم يتطلب التشبث بالجمهورية الخامسة لا العمل من أجل انهيارها.

الرئيس ماكرون أدرك سريعا أنه لا يمكنه الإعتماد لأجل البقاء, على أفراد من محيطه وهم من يدفعونه إلى الخروج أملا في خلافته, فخطة البقاء تتطلب التحالف مع الخصوم الذين وعلى الرغم من شراستهم في النزال السياسي لأجل الظفر بكرسي الرئاسة, إلا أنهم متفقين على ضرورة تعديل الدستور وبالتالي الإنتقال إلى جمهورية سادسة بدستور جديد.

اختيار توقيت حل البرلمان والذي اتفق المعارضون والمناصرون على وصفه بسقطة القرن لتناسبه مع مرحلة بروز اليمين المتطرف وبالمغامرة غير المحسوبة العواقب, إلا أنه بالنسبة للدائرة الضيقة لماكرون هو تقدم كبير في تنفيذ مخطط لا يبدوا واضحا لجل المتابعين للشأن الفرنسي والأوروبي.
لكن ومع التخلص من مراكز القوى السياسية المعارضة للإنتقال إلى الجمهورية السادسة سواءا كانوا ضمن الحلفاء أو الخصوم, وتشكيل خارطة سياسية جديدة متنافرة بخصوص جل القضايا المصيرية لكنها تتفق على ضرورة تعديل الدستور, فإن الرئيس الفرنسي الحالي يتجه بخطى ثابتة إلى ولاية ثالثة سيكون الرأي العام الفرنسي مضطرا إلى السير باتجاهها وهذا بعد أن ذاق مرارة تسليم جزء من الحكم للتطرف سواءا كان يمينيا أو يساريا أو اكتشاف أهم عيوب النظام الجمهوري الحالي وهو الوقوع في حالة انسداد يرفض فيها كل طرف تقديم التنازلات للآخر.

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مجلة أجانب

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading